معارض ومؤتمرات

مصر: سياحة المعارض.. صناعة المستقبل

صناعة المعارض والمؤتمرات أصبحت خلال السنوات الماضية  احدى الصناعات المهمة التى تلعب دورا مهما فى التنمية الاقتصادية وزيادة الاستثمارات كما تلعب دورا فعالا فى زيادة معدلات السياحة الوافدة، وتمتلك مصر  كل مقومات صناعة المعارض والمؤتمرات من حيث السوق الكبيرة التى تضم جميع الصناعات والاستثمارات، كما تمتلك بنية تحتية قوية تؤهلها لإقامة المعارض والمؤتمرات بصفة دائمة كما تمتلك عددا كبيرا من الغرف السياحية التى تجعلها جاهزة طوال العام لإقامة معرض أو مؤتمر دولي..ولعل منتديات الشباب على مدى العامين الماضيين كشفت عن ذلك بل أكدته.  ويبلغ حجم صناعة المعارض عالميا ما يقرب من تريليونى دولار موزعة على 9 آلاف معرض بين معارض كبيرة عالمية ومتوسطة وأخرى صغيرة، ليس هذا فقط بل إن صناعة المعارض أصبحت تلعب الدور الأكبر فى اقتصاد الكثير من الدول وعلى رأسها دبى حيث باتت سياحة المعارض والمؤتمرات تستحوذ على نسب تتراوح بين 15 الى  30% من إجمالى أعمال القطاع الفندقى فى دبي، وتشكل العمود الفقرى لإشغال الغرف الفندقية، وتلعب دوراً كبيراً فى تنشيط حركة التسوق ومبيعات التجزئة فى الأسواق.

ما الذى ينقصنا حتى نصبح فى موقع الصدارة فى سياحة المعارض والمؤتمرات؟ وما المطلوب من الحكومة لدعم هذا القطاع المهم والحيوي؟ وهل مصر تمتلك جميع الأدوات التى تؤهلها لتصبح دولة رائدة فى مجال المعارض فى منطقة الشرق الأوسط؟ وهل يسهم انشاء مدينة للمعارض فى العاصمة الادارية الجديدة أن تصبح مصر قبلة المعارض الدولية فى منطقة الشرق الأوسط وافريقيا ؟

يرى أحمد مهران – خبير صناعة المعارض والمؤتمرات – أن مصر تمتلك الكثير من مقومات النجاح التى تجعلها دولة رائدة فى هذا المجال منها تنوع الاستثمارات والمجالات المختلفة التى تقوم عليها صناعة المعارض كما تمتلك جميع الصناعات المغذية والمكملة لها، و شرم الشيخ مؤهلة لتصبح مدينة عالمية للمؤتمرات والمعارض الدولية، حيث تمتلك كل مقومات النجاح من بنية تحتية وامكانات تكنولوجية وفنادق ومساحات تناسب كل أنشطة المعارض المختلفة ومناخ ساحر طوال العام يساعد فى جذب ملايين السياح من جميع دول العالم، فنحن لسنا أقل من الدول المحيطة بنا والتى نجحت أن تكون على رأس الدول الرائدة فى المعارض والمؤتمرات وعلى رأسها مدينة دبى التى استطاعت أن تصبح خلال 20 عاما رائدة فى مجال المعارض والمؤتمرات فى منطقة الشرق الأوسط ونجحت فى جذب أكثر من 10 ملايين سائح سنويا للمعارض والمؤتمرات التى تقام على أراضيها.
وأشار مهران إلى أن توافر بنية تحتية للنقل واللوجستيات الحديثة والمتطورة عالميا جعل دولة  الإمارات العربية المتحدة  مركزاً دولياً للتجارة وسياحة المؤتمرات، وتعتبر معارض «إنترسك» و«أوتوميكانيكا دبي» و «بيوتى وورلد الشرق الأوسط» منصات التجمع الأمثل للصناعات التى تخدمها فى منطقة الشرق الأوسط وخارجها مما يوفر آلاف فرص العمل.

ويرى وائل الشافعى – خبير المعارض – أن صناعة المعارض لم تعد رفاهية كما كان ينظر اليها فى الماضي، حيث أصبحت صناعة مهمة وتسهم فى جذب استثمارات جديدة، كما توفر الآلاف من فرص العمل وتعمل على جذب السياح، فعدد المعارض التى تقام سنويا فى دول العالم تتجاوز الـ9 آلاف معرض فى جميع القطاعات باستثمارات تتجاوز تريليونى دولار كما توفر الكثير من الاستثمارات  فى القطاعات المختلفة. وأشار الى أن مصر ستنتقل نقلة كبري فى مجال المعارض بعد افتتاح مدينة المعارض اكسبو سيتى فى العاصمة الادارية الجديدة التى تقام على مساحة 500 فدان باستثمارات 600 مليون دولار بأحدث تكنولوجيا عالمية وسيتم الانتهاء منها، خلال ثلاث سنوات بعدها ستصبح مصر رائدة المعارض فى إفريقيا والشرق الأوسط حيث تعد مدينة المعارض الجديدة من أكبر مدن المعارض عالميا والأكبر فى الشرق الأوسط وإفريقيا.

الدكتور باسم أحمد كليلة – أحد صناع المعارض والمؤتمرات – يرى أن نصيب مصر من المعارض الدولية يمثل نسبة ضعيفة لا تتجاوز 0.6%بينما تصل النسبة فى الولايات المتحدة إلى مايقرب من  12% وفى ألمانيا تصل إلى 18%. وتعتبر صناعة المعارض فى مصرمن الصناعات  الناجحة ولكننا نحتاج إلى دعم الحكومة، والكثير من التسهيلات فى هذا القطاع والتغلب على العراقيل والبيروقراطية، فتنظيم المعارض يوجد استثمارات جديدة، فدولة مثل ألمانيا على سبيل المثال يقوم اقتصادها على صناعة المعارض حيث تسخّر جميع إمكاناتها لدعم المعرض منذ بداية حضور العارضين والضيوف ، يحصلون على خصم من شركات الطيران لأنه سيعرض أو سيزور المعرض، وتقدم له الخطوط الجوية كتيبات وهو على متن الطائرة عن المعرض والمعروضات، ويجد أيضا ذلك فى وسائل النقل وفى الفنادق .. وأشار كليلة الى أنه لابد من وجود تنسيق بين هيئة المعارض وهيئة تنشيط السياحة ووزارة الطيران لوضع تعريفات بمواعيد المعارض على الطائرات ونشاط العارضين، فهذا أمر مهم للسياحة وللأسف لا يوجد أى اهتمام بهذا النوع من السياحة من قبل الشركات السياحية لأنها تهتم بالسياحة الترفيهية والثقافية فقط. وشدد على أن الاهتمام بهذا النوع من السياحة يجذب العديد من السياح ذوى النفقات العالية، ويقوم بالترويج للمقاصد السياحية بشكل تلقائى ويحسن من الصورة الذهنية للبلد بشكل كبير، لأنه يعكس حالة الاستقرار السياسى والأمني، والاهتمام بشكل أكبر بهذا النوع من السياحة ووضع خطة لجذب المزيد من المؤتمرات الدولية الكبرى التى تقام فى دول محيطة بنا خاصة أن مصر تمتلك المقومات والتجهيزات عالية الجودة فى غالبية المحافظات، مثل شرم الشيخ والقاهرة.

وقال مروان عبد الرازق – خبير تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة وإدارة المعارض – إن سياحة المعارض فى مصر غير مكتملة وليس لدينا خطة للترويج لها بشكل محترف كما يحدث فى جميع دول العالم، حيث توجد أجندة ثابتة للمعارض والمؤتمرات الدولية الكبرى مثل ألمانيا والصين ودبى ويجب التنسيق مع الشركات السياحية والقطاعات المسئولة عن المعارض حتى تتحقق أكبر فائدة ممكنة على الاقتصاد الوطني، فسائح المعارض يقوم بإحداث حالة من الرواج فى التعاقد على شراء منتجات من التى تم عرضها فى المعرض، كما يحدث حالة من الرواج فى قطاعات التجزئة والفنادق التى يقيم بها والأسواق التى قام بزيارتها.
وأكد أهمية هذا النوع من السياحة التى تساعد كثيرا فى الترويج لمقاصدنا السياحية، وتجذب العديد من السياح وإزالة المعوقات التى تسببت كثيرا فى تأخر الترويج لهذا المنتج السياحى المهم الذى أصبح ثقافة عالمية فى جميع دول العالم، كما أن هناك صناعات كثيرة تقوم على صناعة المعارض والمؤتمرات وتوفر الآلاف من فرص العمل المباشرة وغير المباشرة.

محمد سعد بدراوى عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب يرى أن التوجه نحو صناعة المعارض والمؤتمرات خلال الفترة الأخيرة من خلال انشاء مركز مصر للمعارض ومدينة للمعارض بالعاصمة الادارية يؤكد أن الدولة تنبهت لأهمية هذا الملف، فالقطاع الخاص يعتبر «كلمة السر» فيه ، فهو القادر على الادارة والابتكار والوصول الى أحدث التكنولوجيا، وتطوير هذا القطاع وجعله قطاعاً اقتصادياً قادراً على الإسهام والمشاركة فى التنمية الاقتصادية يحقق للدولة مكاسب كثيرة، ويجب أن تكون هناك دراسة متكاملة عن سوق المعارض فى العالم بحيث تكون مصر موقعاً استراتيجياً مهما بالنسبة للشركات العالمية فى هذه الصناعة، فالسوق المصرية واعدة وكبيرة وفيها الكثير من الفرص وتتطلب مرونة فى عملية إقامة المعارض مع وجود التسهيلات وتوفير الخدمات التى تجذب المستثمرين فى القطاعات المختلفة حيث تعمل الكثير من الدول علي  استغلال نمو قطاع المعارض فى إحداث طفرة اقتصادية.

محمد طلعت عضو شعبة الاستثمار العقارى أشار إلى أن سياحة المؤتمرات والمعارض أصبحت  نمطاً سياحياً مهماً اثبت وجوده خلال  السنوات الأخيرة، وأصبح يوجد عليها طلب كبير وتأكد هذا مع انعقاد منتدى شباب العالم الثانى الذى أقيم فى شهر نوفمبر الجارى فى مدينة شرم الشيخ بحضور الرئيس عبدالفتاح السيسى وحقق نجاحا كبيرا، حيث إن هذا النمط من السياحة يتميز بالإنفاق السياحى الكبير وإحداث رواج فى الفنادق والمحال التى تخدم حركة السياحة..فالمؤتمرات الدولية التى أقامتها القطاعات المصرية المختلفة خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة أسهمت فى وجود تدفقات سياحية كبيرة فى كل من مدينتى شرم الشيخ والغردقة وزيادة الطلب على المقاصد السياحية الثقافية..وكذلك معارض الاستثمار العقارى التى تمت إقامتها أخيرا ودعمتها وزارة الإسكان كان لها دور كبير فى وجود تدفقات سياحية كبيرة من الدول العربية، خاصة المملكة العربية السعودية والإمارات.

وأشار طلعت إلى أن الأشقاء العرب الذين حضروا معارض الاستثمار العقارى الأخيرة طالبوا بوجود خريطة مسبقة للمعارض  يتم نشرها مع بداية العام تحدد موعد كل معرض ونوعيته، ولكن للأسف هذه الخدمة غير موجودة فى مصر لتعدد جهات إقامة المعارض، ونتمنى أن ينتبه القائمون على المعارض لتنفيذ هذا المطلب من أجل مزيد من تدفق السياحة العربية إلى مصر.

إغلاق